[الإصغاء العميق فطرة أم فن؟.. رحلة نحو الفهم الحقيقي]

تأتي قضية الإصغاء العميق في صميم عملية التواصل الإنساني الفعّال وقد كانت محور نقاش ثري ومُلهم في قاعة أكاديمية الدكتور عبد القادر العداقي الدولية (AIA).
وقد اتفق المشاركون على أن الإصغاء يتجاوز مجرد السمع ليصبح مهارة مركبة وفناً راقياً، يبدأ بالاستعداد الفطري ويكتمل بالتدريب والوعي.

جذور الإصغاء مزيج من الفطرة والمهارة

كان سؤال النقاش الأساسي يدور حول
هل الإصغاء مهارة أم فطرة؟ وكيف نطورها؟
أكدت الكوتش والمدربة سارة العرب (لبنان، ٨:٢١ ص) أن بعض الناس يملكون استعداداً فطرياً للاستماع، لكن الإصغاء الحقيقي هو مهارة تتطور بالوعي والممارسة وضبط النفس، وأن الإصغاء هو “أول خطوة نحو الفهم الحقيقي” لفهم المعنى وراء الكلمات لا الكلمات فقط.

واتفقت معها الدكتورة أسماء الدواي (المغرب، ٨:٣٧ ص) مشيرة إلى أن الإصغاء مهارة تواصل مهمة جداً تتطلب جهدا وقصدا لفهم المعنى والنية الكامنة، وهو يختلف عن السمع الذي يحدث بشكل طبيعي، مؤكدة أنه “مهارة مكتسبة” أساسية لبناء علاقات قوية وتطوير القدرات العقلية.

كما رأت المدربة غزلان ديواني (دولة المغرب، ٨:٥٠ ص) أن الإصغاء مزيج من الفطرة والمهارة؛ فنحن نولد بقدرة طبيعية على السماع، لكن الإصغاء الحقيقي يحتاج إلى تدريب ووعي.
وقد شاركت نشاطا عمليا حيث لاحظت أن صديقتها كانت “تبحث عن من يسمعها أكثر من من يعطيها حلولاً.

أيدت الكوتش فدوى البطيمي (دولةالمغرب، ١١:٣٣ ص) أن الإصغاء قد يكون فطريا أو ملكة تميز بعض الأشخاص، ولكنه يبقى مهارة يمكن تطويرها بالتدرب على عدم المقاطعة واستخدام كل الحواس للفهم.

وأوضح الكوتش محمد فيصل فتيتي (الجزائر، ٢:٠٩ م) أن الإصغاء لو كان فطرة بحتة لكان الجميع يتقنونه، وهذا غير صحيح، مشدداً على أن الإصغاء الحقيقي (النشط) يتطلب جهداً ووعياً ويتعارض مع عوامل مثل التشتت والتحيزات والرغبة في الرد الفوري.

ووصفت الماستر لايف كوتش فاطمة القماح (المغرب، ٦:١٤ م) الإصغاء بأنه “حضور كامل، بعقلنا وقلبنا ومشاعرنا”، ورأت أنه مزيج من الاثنين، فـ “الفطرة تمنحنا البذرة، لكن المهارة تنضجها بالممارسة والوعي”.

وقدمت الكوتش والمدربة قصباوي خديجة (المغرب، ٦:٥٢ م) إجابة متوازنة بأن الإصغاء هو “فطرة مُهداة، لكنه مهارة تحتاج إلى تطوير”، موضحة أن الفطرة تمنحنا القدرة على السماع، لكن المهارة هي التي تحوله إلى إصغاء حقيقي.
كما عرضت نموذجا لتدوين المشاعر بعد نشاط الإصغاء العملي، مثل الإحباط، التوتر، الشعور بعدم التقدير، والحاجة إلى الدعم.

وقدّمت الدكتورة جواهر هبهم (المغرب، ٨:١٠ م) تحليلاً أكاديميا مميزا، ميزت فيه بين السمع (عملية فيزيائية وفطرة) والاستماع (عملية عقلية ومهارة مكتسبة)، والإصغاء (أعلى درجات الاستماع ومهارة مُركبة)، مؤكدة أن الإصغاء العميق هو قرار واعي وسلوك مُدرَّب.
واستشهدت بنظرية كارل روجرز وستيفن كوفي والمفهوم القرآني للإصغاء بالقلب.

وختمت الدكتورة ابتسام بويا (المغرب، ٩:١٨ م) بالإشارة إلى أن الإصغاء هو مزيج متكامل؛ فهو فطرة تُولَد معنا، وفن نتقنه حين نختار أن نحيا بوعي واهتمام بالآخر، مؤكدة أن فن الإصغاء الحقيقي هو الإصغاء الواعي والعميق الذي لا يُمارَس بالفطرة فقط بل يحتاج إلى صقل وتدريب مستمر.

كيفية تطوير مهارة الإصغاء العميق

اتفق المشاركون على أن تطوير الإصغاء العميق يتطلب ممارسة واعية ومنهجية، ومركزين على عدة خطوات رئيسية

*النية والهدف* الإصغاء بنية الفهم وليس بنية الرد، والوعي بأن هدف المحادثة هو الفهم أولاً (سارة العرب، قصباوي خديجة).

*ضبط النفس والصمت الداخلي* التدريب على الصمت الداخلي أثناء الحوار، وكبح جماح الرغبة في المقاطعة لتقديم الرأي (سارة العرب، غزلان ديواني، قصباوي خديجة).

*التركيز الشامل* الانتباه الكامل للمتكلم، وفهم لغة الجسد، ونبرة الصوت، وتعابير الوجه، واستخدام كل الحواس، والحضور بالقلب والعقل (سارة العرب، فدوى البطيمي، قصباوي خديجة، فاطمة القماح، جواهر هبهم).

*تأجيل الحكم* الاستماع دون أن تحكم على الأفكار أو المشاعر في عقلك وتأجيل الافتراضات (محمد فيصل فتيتي، قصباوي خديجة، جواهر هبهم).

*الممارسة المنهجية* التدرب على التلخيص الانعكاسي (إعادة صياغة ما فهمته) وطرح الأسئلة المفتوحة لتشجيع الاستطراد وإظهار الاهتمام (جواهر هبهم، قصباوي خديجة).
[الاقتباس الجامع] الإصغاء هو أول خطوة نحو الفهم الحقيقي.

نعم.لشعار.العداقي.المتميز.cc
إنهض.بذاتك.انت.لم.تولد.لتكون.لاشيء.cc
دمتم.جميعا.بخير.cc
✍️[{د. مـُـنـَوَّر اَلـصَّـنـُـومِـيّ }]– اليمن
حرر بتاريخ ٢٩/ربيع ثاني/١٤٤٧هجرية الموافق ٢١/اكتوبر/٢٠٢٥م

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *