______________________

💔  *الفرق الجوهري متى يتحول الحزن إلى اكتئاب؟ رحلة من الألم العابر إلى العجز الوجودي*  💔

انطلاقاً من نقاش ثري ومُعمّق دار في قاعة أكاديمية الدكتور عبدالقادر العداقي الدولية للتدريب والكوتشينغ (AIA) حول التمييز الدقيق بين الحزن الطبيعي العابر والاكتئاب النفسي السريري نسلط الضوء على هذا الفارق الجوهري الذي يتجاوز مجرد المدة الزمنية ليمسّ جوهر الإدراك البشري ووظائف الدماغ.
*أولاً*  التمييز بين الحزن الطبيعي والاكتئاب النفسي
كما أوضحت الماستر لايف كوتش فاطمة القماح فإن الحزن هو “شعور عابر مرتبط بحدث أو فقد أو خيبة، لكنه يبقى ضمن دائرة القدرة على التحمل”.
بينما الاكتئاب هو “حالة أعمق تمتد أثرا ووقتا، وتؤثر في حياتنا اليومية وعلاقاتنا ونشاطنا”.
*د. جواهر هبهم*  أشارت إلى أن الثغرة الكبرى تكمن في الاعتماد المفرط على “العتبة الزمنية (كالأسبوعين) وعدد الأعراض كوحدات قياس كمية صماء دون إيلاء الأهمية القصوى للتحول الكيفي والجوهر الوجودي للتجربة”.
*الحزن*
*طبيعته*  عملية تفكيك وإعادة بناء للذات في ضوء واقع جديد.
*وجهته*  شعور مُوجَّه مرتبط بشيء مفقود محدد (فقد وظيفة، علاقة، أو إحساس).
*مآله*  يظل الفرد فيه قادراً على رؤية بصيرة الأمل الكامنة وقادراً على تذكر ما يحب.
*الاكتئاب (حالة العجز الوجودي المكتسب)*
*طبيعته*  “ثقب أسود يبتلع لا الشعور الموجه، بل يسيطر أو يدمر القدرة على الشعور والتحرك برمّتها.”
*وجهته*  لا يتعلق بفقد شيء محدد بل بفقد القدرة على الشعور بالفقد نفسه.
*مآله*  تخدير حاد ومزمن للذات يُلغي مفهوم المستقبل الإيجابي.
*الكوتش والمدربة قصباوي خديجة* لخصت هذا الفارق بشكل عملي الحزن الطبيعي هو “استجابة عاطفية مؤقتة لخسارة أو حدث صعب، يخف مع الوقت ويسمح بالاستمرار في الحياة بشكل طبيعي نسبياً”، بينما الاكتئاب “اضطراب مزاجي مستمر يؤثر على جوانب متعددة من الحياة ويستمر لأسبوعين على الأقل.”
*صفاء سهيل فرزان (أخصائي إرشاد أسري تربوي زواجي)*  وضّحت الفارق بين الكآبة العابرة والاكتئاب السريري من حيث المدة والحدة، مشيراً إلى أن الكآبة تتحسن بالراحة وتغيير الجو، بينما الاكتئاب “يحتاج غالباً إلى دعم مهني مثل العلاج النفسي”.
| الجانب | الكآبة (حزن عابر) | الاكتئاب النفسي (اضطراب سريري) |
|—|—|—|
| المدة | مؤقتة، أيام قليلة | طويلة: أسابيع أو أشهر |
| التأثير على الحياة | تستمر الحياة الطبيعية نسبياً | تتأثر الدراسة، العمل، العلاقات (عجز) |
| التحسن | يتحسن مع الوقت والراحة | يحتاج تدخلاً علاجياً (نفسي/دوائي) |
*ثانياً*  *الاكتئاب الجسدي.. صرخة صامتة من الجسد*
*حول سؤال النقاش*  “هل يمكن أن يظهر الاكتئاب على شكل تعب جسدي وليس عاطفيا فقط؟” كانت الإجابة بالإجماع نعم.
*أكدت الماستر لايف كوتش فاطمة القماح*  أن “كثير من الناس يمرّون بحالة إرهاق متواصل، آلام غير مبررة، ثقل في الحركة، أو فقدان للطاقة دون سبب عضوي واضح.
الجسد والعاطفة وجهان لحقيقة واحدة”.
*أشارت د. جواهر هبهم * إلى أن هذا يمثل ثغرة تشخيصية رئيسية تُسمى الجسدنة، حيث “يُشخَّص الفرد بمرض عضوي دون اكتشاف أن هذا المرض العضوي هو في الحقيقة لغة الجسد للتعبير عن أزمة نفسية عميقة.”
ويمكن أن يتجلى في:
*آلام مزمنة.*
*صداع لا يستجيب للمسكنات.*
*اضطرابات في الجهاز الهضمي.*
*شعور ثقيل بنضوب الطاقة الحيوية.*
*أضافت الكوتش والمدربة قصباوي خديجة*  أن هذا يسمى أحياناً “الاكتئاب المقنع”، حيث تشمل الأعراض الجسدية: التعب المستمر غير المبرر، آلام الظهر، ومشاكل في الهضم.
*أشارت صفاء سهيل فرزان*  أن هذا شائع جداً، وقد يتنقل الشخص بين الأطباء دون أن يدرك أن السبب نفسي وليس عضوياً، ومن أمثلتها:
آلام في الرأس، القولون العصبي، خفقان، وشعور بثقل في الجسم.
*ثالثاً*  الآليات العصبية والنهوض بالذات
تعمقت  *د. جواهر هبهم*  في الآليات العصبية، موضحة أن الاكتئاب ليس نقص سيروتونين بسيطاً، بل هو تحول نوعي في بنية الشبكات الدماغية:
*في الحزن الطبيعي*  تستجيب اللوزة الدماغية للألم، وتعمل قشرة الفص الجبهي البطني الإنسي بكفاءة لمعالجة الألم وإعادة التوازن (مرونة عصبية).
*في الاكتئاب المزمن*  يحدث انهيار القدرة على إدارة المواد، وفرط نشاط مُهدر في دائرة الإجهاد، وتراجع هيكلي في الحُصين – مركز الذاكرة والتعامل مع الإجهاد – مما يضر التشعبات العصبية ويفسر الانفصال عن الإحساس بالمتعة والشغف.
*علاج التآكل البنيوي*  دعت  *د. جواهر هبهم*  إلى التدخلات السلوكية التي تستهدف إعادة بناء الحُصين عن طريق تحفيز توليد الخلايا العصبية الجديدة  وتقوية المرونة المشبكية، ومن هذه التدخلات:
*النشاط البدني والحركي*  يزيد من إفراز عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ الذي يعمل كـ”سماد عصبي”.
*التعلم المستمر واكتساب مهارات جديدة*  يحفز المرونة المشبكية مباشرة.
*التدريب العقلي (CBT/الوعي اللحظي)*  يقلل فرط نشاط اللوزة ويزيد سيطرة مركز التنظيم العاطفي.
*رابعاً*  “السقوط يبدأ حين نتوقف عن الاهتمام بما نحب”
*الاقتباس العميق*
“لا أحد يسقط فجأة… السقوط يبدأ حين نتوقف عن الاهتمام بما نحب.” يلخص العلاقة بين الشغف والصحة النفسية:
*رأت الماستر لايف كوتش فاطمة القماح*  أن الاهتمام بالذات “ليس رفاهية… إنه ضرورة لنظل واقفين وقادرين على العطاء”.
*حللت الكوتش والمدربة قصباوي خديجة*  الاقتباس نفسياً، موضحة أن السقوط ليس حدثاً بل عملية تراكمية، وأن “الاهتمام بما نحب” هو بمثابة مناعة نفسية ونظام إنذار مبكر، وأن فقدانه هو أولى علامات الاكتئاب الخفي.
ووجهت رسالة أمل: “النهوض يمكن أن يبدأ عندما نعيد الاهتمام ولو بشيء صغير”.

*نعم.لشعار.العداقي.المتميز.cc*
*إنهض.بذاتك.انت.لم.تولد.لتكون.لاشيء.cc*
*دمتم.جميعا.بخير.cc*
✍بقلم/✍️[{د. مـُـنـَوَّر اَلـصَّـنـُـومِـيّ }]– اليمن
حرر بتاريخ ١٤ جماد آخر ١٤٤٧هجرية الموافق ٥ ديسمبر ٢٠٢٥م

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *