🧠 خاطرة أسرية زواجية – بقلم د. عبدالقادر العداقي

كل امرأة تتمنى في قرارة نفسها رجلاً صالحا جيدا، يحمل في قلبه النية الطيبة، وفي سلوكه الاستقامة، وفي تعامله الاحترام. ولكن حين يأتي هذا الرجل الصالح، لا يأتي وحده. بل يأتي ومعه الانضباط، وتحمل المسؤوليات، وترتيب الأولويات، ووضع الحدود التي يجب احترامها داخل العلاقة.
وهنا، قد يحدث تحول في نظرة بعض النساء إليه. فالرجل الذي كان يُنظر إليه على أنه “صالح وجيد”، يتحول فجأة إلى “نرجسي، سامّ، متحكم، مسيطر، ويلعب بالمشاعر”. وهذا التحول في التوصيف ليس بالضرورة ناتجًا عن سلوك الرجل، بل ربما عن عدم فهم عميق لطبيعة العلاقة الزوجية الصحية، أو عن مفاهيم مغلوطة حول الحرية الشخصية والحدود المشتركة.

كلمة “نرجسي” اليوم مظلومة ومُستخدمة بشكل مفرط وخاطئ.
لقد تم تحميلها أكثر مما تحتمل، وأصبحت تُطلق جزافًا دون فهم علمي نفسي دقيق. ومع الأسف، فإن أكثر من يُتهم بها هم الرجال، رغم أن النرجسية كاضطراب أو سلوك يمكن أن يظهر لدى كلا الجنسين.
فهل يُعقل أن يُتهم الرجل بالنرجسية فقط لأنه يطالب بالانضباط، وتحمل المسؤولية، واحترام الحدود؟
أم أن هناك من النساء من تحمل صفات النرجسية والعناد، ولكنها تُغلفها بمفهوم الحرية الشخصية؟
وهل الحرية تعني غياب الالتزام؟ وهل الحب يعني غياب الحدود؟

العلاقة الزوجية الصحية لا تُبنى على الحقوق فقط، بل تبدأ من معرفة الواجبات.
فحين يعرف كل طرف ما عليه قبل أن يطالب بما له، تنشأ علاقة متزنة، مستقرة، قائمة على الاحترام والتفاهم.
الرجل الصالح – وأقصد بالصالح هنا الجيد، المتزن، الواعي – لا يأتي ليُرضي فقط، بل ليُقيم علاقة قائمة على معايير واضحة: الانضباط، المسؤولية، الأولويات، والحدود. وهذه ليست صفات نرجسية، بل هي أساسيات في أي علاقة ناضجة.

هذه الخاطرة كتبتها من قلب التجربة والملاحظة، لا من باب الانحياز لأي طرف.
ففي كتابتي، ونقاشي، وجلساتي التدريبية، لا أتبنى عقلية المتحيز، لأنها ضالة مضلة.
من أراد الوصول إلى رؤى عقلانية منصفة، فعليه أن يُفكر ويتحدث ويناقش بحيادية، دون ميل لأفكاره أو معتقداته الشخصية.

لكل فرد قناعاته، ولكن حين نتحدث في قضايا المجتمع، يجب أن نرتقي فوق الانحياز.

🌿 يومك طيب،
من دورة المستشار الأسري والزواجي DFMC
مع د. عبدالقادر العداقي
خبير التدريب والكوتشينغ
www.aladakee.com

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *