إيقاظ الروح: استراتيجيات مُتكاملة للحد من الاكتئاب واستعادة الشغف
في قاعة أكاديمية الدكتور عبد القادر العداقي الدولية (AIA)، دار حوار عميق ومُلهم حول أحد أهم تحديات العصر النفسية والاجتماعية استراتيجيات الحد من الاكتئاب وفقدان الشغف. شارك فيه نخبة من المختصين والمرشدين والكوتشز، مقدمين رؤى متكاملة تجمع بين الدعم النفسي، الأدوات العملية، والتأمل الروحاني. هذا ملخص لأبرز ما جاء في هذا النقاش الثري:
المحور الأول: فهم الاكتئاب وفقدان الشغف
بدأت المشاركة بضرورة فهم طبيعة الحالة للتمكن من وضع استراتيجيات فعالة.
* هيفاء أبو حسّان مرشدة اجتماعية تربوية ومدربة منهج منتسوري لبنان (٢٩/٩, ٨:٤٢ ص): عرّفت الاكتئاب بأنه حزن مستمر يؤثر على المشاعر، التفكير، والسلوك، وأبرزت أن فقدان الشغف هو الوجه الصامت للاكتئاب، حيث تصبح الحياة باهتة. وأكدت أن المعرفة هي الخطوة الأولى نحو الشفاء.
* المدربة الدولية و الكوتش لايف د.خديجة مفتوح. المملكة المغربية (٢٩/٩, ٩:٠٢ ص): قدمت رؤية تحليلية مدعومة بإحصاءات عام 2025، مشيرة إلى أن الاكتئاب وفقدان الشغف ليسا أزمة فردية بل انعكاسا لضغط العصر. ذكرت أن 34% من الشباب يعانون من درجات متفاوتة من الاكتئاب، وأن 41% من الموظفين فقدوا الحماس. وأكدت أن الاكتئاب يبدأ بانطفاء داخلي تدريجي.
المحور الثاني: استراتيجيات وأدوات عملية لاستعادة التوازن
ركزت المشاركات على تقديم أدوات وتقنيات قابلة للتطبيق لإعادة تحفيز الذات.
* د.خديجة مفتوح (٢٩/٩, ٩:٠٢ ص): شددت على استراتيجية الإنجازات الصغيرة كوسيلة لإعادة بناء الشعور بالقدرة، حيث يمنح إتمام مهمة بسيطة جرعة دوبامين محدودة تضعف الإحساس بالعجز. كما أشارت إلى أن المشي السريع لمدة 30 دقيقة يسجل أثرا مماثلاً لأدوية الاكتئاب الخفيفة، وأكدت على أهمية التفاعل الإنساني المنتظم ودور النوم المنظم في العلاج.
* ا. غزلان ديواني المغرب (٢٩/٩, ٩:١٧ ص): دعت للبدء بخطوات بسيطة لكسر حاجز صعوبة المهام، وركزت على العناية بالجسد (نوم، أكل، حركة) كتعبير عن العناية بالعقل. كما اقترحت تغيير الروتين وكسر التكرار وتجربة هوايات صغيرة جديدة.
* الماستر اللايف كوتش د عبد الرحيم الدادسي (٢٩/٩, ١١:٢٠ ص): قدم استراتيجيات للتعامل مع الأفكار السلبية، أبرزها: تسمية الأفكار بدلاً من تصديقها (مثل “عقلي يقدم فكرة…” بدلاً من “أنا فاشل”)، واختبار واقعية الفكرة، وتقليل الكمالية واعتماد هدف “جيد بما يكفي”.
* دكتورة الهام..من المغرب مدرب معتمد دوليا (٢٩/٩, ١١:٢٩ ص و ٣:١٥ م): من منطلق خبرتها الإدارية، أكدت على ضرورة المحافظة على روح “الزمالة” والقيم الشخصية والتوازن في العمل. وأضافت قائمة بأهم المهارات الناعمة (Soft Skills) التي أصبحت أساسية للنجاح الوظيفي، مثل الذكاء العاطفي والمرونة وإدارة الوقت.
* ضياء بو علي ماستر في البرمجة اللغوية العصبية وموجهة نفسية لبنان (٢٩/٩, ٤:٣٢ م): ركزت على التواصل مع الذات بصدق وتخصيص وقت للكتابة والتأمل. وأشارت إلى أهمية إعادة بناء الروتين المنظم الذي يمنح شعوراً بالأمان، وإشعال الشغف الذهني عبر التعلم والقراءة، مستشهدة بمقولة فيكتور فرانكل عن أهمية البحث عن معنى أعمق.
* الكوتش والمدربة. قصباوي خديجة (٢٩/٩, ١٠:٠٧ م): أكدت على أن الشغف يُحفّز عبر القيم والتخيل، ودعت لـالتصور الإيجابي ووضع أهداف صغيرة قابلة للتحقيق، وتجديد الروتين بتعلم هواية جديدة، مع التشديد على ضرورة إعادة الاتصال بالذات لمعرفة “من أنا؟ وماذا أريد؟”.
المحور الثالث: الدور الروحي والاجتماعي في التعافي
أكدت عدة مشاركات على أهمية الدعم الخارجي والداخلي العميق.
* الماستر اللايف كوتش . فاطمة القماح. المغرب (٢٩/٩, ٦:٢٨ م): حددت خمس محطات أساسية، أولها الدعم الأسري كحاضنة أولى. ثم ركزت على قوة ممارسة الامتنان اليومي لإعادة صياغة العقل للتركيز على النعم، وشددت على الجانب الروحاني كأعمق وأكثرها تأثيراً، حيث تجد الروح السكينة باتصالها بخالقها.
* هيفاء أبو حسّان (٢٩/٩, ٨:٤٢ ص) وغزلان ديواني (٢٩/٩, ٩:١٧ ص) وضياء بو علي (٢٩/٩, ٤:٣٢ م) والماستر فاطمة القماح (٢٩/٩, ٦:٢٨ م) ونجاة بنعلي (٢٩/٩, ٦:٣٨ م) والكوتش خديجة قصباوي (٢٩/٩, ١٠:٠٧ م) جميعهم اتفقوا على أهمية البوح والمشاركة والتعبير عن المشاعر بدلاً من كتمانها، وضرورة طلب المساعدة المختصة كخطوة شجاعة وليست ضعفاً.
* نجاة بنعلي المغرب (٢٩/٩, ٦:٣٨ م): اختتمت بتأكيد على أن رحلة استعادة الشغف هي خطوات صغيرة ومتدرجة، وأن القوة تكمن في القدرة على تحويل الألم إلى دافع، وأن قرار النهوض هو إعلان بأن “النور يتبع الظلام دائماً”، مستشهدة بالوعد الرباني: “فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا”.
الخلاصة، أن الاكتئاب وفقدان الشغف هما دعوة لإعادة ترتيب الداخل. التغيير لا يبدأ بصخب، بل بوعي عميق، وفكرة جديدة، وعادة صغيرة، وقرار بأن النفس تستحق العناية قبل اللوم.
لا تعليق