الأمل، الفعل، والوعي: استراتيجيات متكاملة للحد من الاكتئاب وفقدان الشغف
منبر أكاديمية AIA الدولية للنقاش المفتوح
نفتتح معكم هذا الأسبوع المميز من نقاشات أكاديمية AIA الدولية للتدريب والكوتشينغ، حيث كان محورنا الذي اختارته الأغلبية هو “استراتيجيات الحد من الاكتئاب وفقدان الشغف”. هذا الموضوع يمس جوهر عملنا في تمكين الإنسان من استعادة توازنه ونوره الداخلي، وقد أثرى النقاش عدد من المختصين والمدربين برؤى عميقة وتجارب ملهمة.
الشرارة الأولى: الأمل والتوكل كقوة دافعة
افتتحت النقاش الماستر اللايف كوتش فاطمة القماح (المغرب) [٢٧/٩, ١٠:١٨ ص] بتأكيدها على أن الأمل هو الطاقة الأولية والشرارة التي توقظ الرغبة في الاستمرار. لكنها شددت على أن الأمل وحده لا يكفي، بل يجب تحويله إلى نية واضحة وخطة عملية. وأكدت أن التوكل هو القوة الروحية التي تمدنا بالثقة في الطريق رغم الغموض، ضاربةً مثالًا بطالب حوّل حلمه المستحيل إلى شهادة بفضل تكامل الأمل، التوكل، والفعل المخطط له.
رحلة التسلل الصامت: الوعي هو أول دواء
تطرقت المدربةنجاة بنعلي (المغرب) [٢٧/٩, ١٠:٤٨ ص] إلى الطبيعة المتسللة للاكتئاب، حيث لا يدخل فجأة بل يبدأ من الضغوط الصغيرة المهملة: الكلمات المؤلمة، التعب الجسدي غير المراح، وخيبات الأمل المتراكمة. وصفت الاكتئاب بـ “السرطان الذي يترعرع” بتغذية الأفكار السلبية واللوم الذاتي والعزلة. الحل، حسب طرحها، يبدأ بـ “الوعي” كأول دواء:
* التحرك ولو بدقائق مشي.
* المشاركة والبوح لمن تثق بهم بدل العزلة.
* استبدال الكلمات السلبية بعبارات مشجعة.
كل خطوة صغيرة وعملية، كـ “ابتسامة صغيرة، نزهة قصيرة، كلمة طيبة للنفس”، هي خطوة تقتلع جذور الاكتئاب.
دور البيئة والحاضن الأسري
عادت الماستر اللايف كوتش فاطمة القماح (المغرب) [٢٧/٩, ٢:٤٨ م] لتؤكد على طرح الزميلة، مشيرة إلى أن الاكتئاب هو “تراكم صامت لإشارات لم نصغِ إليها”. وأضافت بُعدا مهما: دور الأسرة كحاضن أول للوقاية والدعم. فـ “حين يكون هناك بيت يُسمع فيه الصوت دون حكم، وصدور رحبة تحتضن المشاعر دون استخفاف”، يضعف الاكتئاب. وأشارت إلى أن الخطوات الصغيرة حين تُمارس في إطار أسري، يتضاعف أثرها، مشكلةً بذلك شبكة أمان نفسية تقطع الطريق على الوحدة والعزلة.
التفريق بين فقدان الشغف والاكتئاب
سلطت المدربة الدولية الدكتورة أسماء الدواي (المغرب) [٢٧/٩, ٤:١٢ م] الضوء على الفرق الجوهري بين الشغف والاكتئاب. فقدان الشغف هو انخفاض الحماس والاهتمام، وقد يكون مرحلة مؤقتة أو عرضا، بينما الاكتئاب هو اضطراب نفسي أعمق يتضمن حزنا مستمرا، شعورا بالذنب، واضطرابات في النوم/الأكل، ويتطلب علاجا متخصصا. وأكدت أن فقدان الشغف عرض رئيسي للاكتئاب، ولكن ليس كل فقدان للشغف هو اكتئاب.
لتقليل كليهما، نصحت باستراتيجيات متكاملة تشمل:
* الرعاية الذاتية: (نوم كافٍ، غذاء صحي، رياضة).
* الدعم الاجتماعي: (الأصدقاء والعائلة ومجموعات الدعم).
* تغيير نمط الحياة: (تعلم مهارات جديدة، استراحات).
* التواصل مع الأخصائيين: عند الحاجة.
دور الكوتشينغ وعمق ألم الاكتئاب
تناولت الماستر اللايف كوتش د. صباح المنصوري (تونس) [٢٧/٩, ٥:٠٩ م] [٢٧/٩, ٥:١٩ م] [٢٧/٩, ٥:٤٠ م] الموضوع من زاوية التشخيص والتعامل مع المكتئب. أكدت على أهمية فهم أنواع الاكتئاب وأسبابه، مشيرة إلى أن بعض الحالات تتطلب علاجا دوائيا. شددت على أن دور المختصين والكوتش هو المساندة النفسية وتغيير طريقة التفكير للأفضل، مع ضرورة الإنصات والتعاطف الصحي قبل الإرشاد والنصح، لأن المكتئب فاقد للشغف ويرى ذاته جزءا من ألمه.
وصفت الاكتئاب بأنه “أشد أنواع الألم، الألم الصامت البارد… أول درجات الموت البطيء”، وعللت سببه بـ “الخيبات والوحدة والانهيارات واليأس وخيانة النفس”. واختتمت بتفاؤل، مؤكدة أن الوعي والإيمان يمكن أن يجعلان الإنسان يستثمر من تجربة الاكتئاب إبداعا وذاتا جديدة.
استراتيجيات متكاملة للتعافي
لخصت الكوتش والمدربة خديجة قصباوي (المغرب) [٢٧/٩, ٦:٠٦ م] الاستراتيجيات الضرورية للتعامل مع الاكتئاب وفقدان الشغف ضمن محاور عملية:
* استراتيجيات نفسية وسلوكية: وضع أهداف صغيرة قابلة للقياس، ممارسة الامتنان واليقظة الذهنية، والعلاج المعرفي السلوكي.
* استراتيجيات جسدية: تنظيم أوقات النوم، ممارسة الرياضة (على الأقل 30 دقيقة يومياً)، ونظام غذائي متوازن.
* استراتيجيات اجتماعية: الاتصال بالآخرين، التطوع (لاستعادة الشعور بالهدف والقيمة)، ومشاركة التجارب.
* استراتيجيات لاستعادة الشغف: ممارسة الهوايات، تجربة أشياء جديدة، وتقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وشددت على أن التعافي يستغرق مدة، وأن طلب المساعدة من المختصين (طبيب نفسي، معالج نفسي) بعد أسبوعين من استمرار الأعراض هو قوة وليس ضعفا.
خارطة الطريق لتقييم الحالة
في الختام، قدم الماستر اللايف كوتش د عبد الرحيم الدادسي (المغرب) [٢٧/٩, ٦:١٥ م] خارطة طريق عملية لتقييم الحالة قبل الشروع في أي استراتيجية علاجية، تتضمن التساؤلات التالية:
* مدة الأعراض: هل استمر الحزن/الفتور/فقدان المتعة لأكثر من أسبوعين معظم الأيام؟
* شدة الأعراض: هل هناك صعوبة أو فرط بالنوم، شهية مضطربة، تعب مستمر، أفكار سلبية متكررة، صعوبة التركيز، أو انسحاب اجتماعي؟
* أفكار إيذاء النفس: إن كانت موجودة، فالحاجة هنا لمساعدة فورية من مختص أو شخص موثوق.
الرسالة الجامعة: الاكتئاب ليس أقوى من قرار داخلي نختار به النور، مدعومًا بالوعي، العمل المخطط له، ورعاية الذات والمحيط.
لا تعليق