
التربية المشتركة: فنّ الانسجام بين قلبين متفاهمين
التربية ليست مجرد مهمة، بل هي رحلة مقدسة يبحر فيها الوالدان معاً في بحر الحياة، ليقودا سفينة الأبناء إلى بر الأمان. حين يكون المجدافان – الأب والأم – متناغمين، تسير السفينة بهدوء وثبات. أما إذا تنافرت الأساليب واختلفت الرؤى، يجد الطفل نفسه في عرض البحر، تتقاذفه أمواج التناقض. هذه الحقيقة الجوهرية كانت محور حوار عميق ومُلهم دار في قاعة قسم DFMC بأكاديمية الدكتور عبدالقادر العداقي الدولية AIA، حيث أثرى المشاركون النقاش بخبراتهم ورؤاهم الثاقبة.
[عندما تكون التربية مسؤولية قلبين متنافرين]
بدأت المرشدة الاجتماعية والتربوية هيفاء أبو حسّان النقاش بتسليط الضوء على الواقع الحالي، حيث تتضارب أساليب التربية الحديثة والتقليدية، مما يخلق صراعا بين الوالدين. إن هذا التنافر، كما أكدت، يحوّل التربية من مسؤولية قلبين متفاهمين إلى “ساحة صراع” يُضحي فيها الطفل. وقد وافقها الدكتور الصنومي على أن الطفل يصبح “ضحية التذبذب” إذا اختلفت الأساليب ودرجات الحزم، مما يؤكد أن وحدة الرؤية هي الأساس.
[دور الكوتش: من الصراع إلى الشراكة]
كان السؤال الرئيسي في النقاش هو: كيف يمكن للكوتش مساعدة الوالدين على توحيد أسلوب التربية؟ وتعددت الإجابات التي رسمت خارطة طريق شاملة لهذا الدور.
* الكوتش كميسّر للحوار: أكدت الكوتش والمدربة نجاة بنعلي على أن الكوتش يجب أن يكون “ميسّرا” و”مُصغيا محايدا” دون إصدار أحكام، وهي النقطة التي أجمع عليها العديد من المشاركين مثل الكوتش محمد فيصل فتيتي، الذي وصف الكوتش بأنه “ليس خبيرا يخبر الوالدين كيف يتصرفان”، بل هو شريك يساعدهما على أن يصبحا فريقا موحدا. كما شددت المدربة قصباوي خديجة على أن دوره هو “خلق مساحة آمنة” للزوجين للتعبير عن أفكارهما.
* التركيز على القيم المشتركة: طرحت الدكتورة رشيد مورجاني فكرة أن التوافق لا يعني التشابه، بل الاتفاق على “الأصول الكبرى” وقيم البيت. وأوضح أن الكوتش يساعد الوالدين على “كشف القيم المشتركة” ووضع “اتفاقيات تربوية مكتوبة” تكون بمثابة دستور للأسرة. هذه الفكرة تم تناولها أيضاً من قبل المدربة ضياء بو علي التي أكدت على أهمية تحديد القيم الأساسية مثل الاحترام والمسؤولية.
* التعامل مع الأبعاد العاطفية والعملية: قدمت الدكتورة جواهر هبهم رؤية عميقة من خلال منهجيات حديثة مثل “الترجمة العاطفية”، التي تركز على فهم الجذور العاطفية وراء كل سلوك تربوي. كما اقترحت أدوات عملية مثل “ميزان الأثر” الذي يربط القرارات التربوية بنتائجها طويلة المدى، ومنهجية “المرونة المستمرة” التي تحوّل التربية من “حل مشكلة” إلى “بناء قدرة على التكيف”، مما يعترف بأن التربية هي رحلة نمو مستمرة للجميع.
[التربية المشتركة: فلسفة حياة]
أكدت الكوتش فاطمة القماح أن التربية المشتركة ليست مجرد تقسيم للأدوار، بل هي “انسجام في الرؤية واتفاق في الأسلوب”، موضحة أن الطفل يقرأ التناقض بسرعة، مما يسبب له الارتباك. وأكدت الدكتورة إلهام على أهمية الوعي بأضرار الاختلاف السلبي، ودعت المقبلين على الزواج إلى مناقشة رؤيتهم حول تربية الأبناء قبل البدء في رحلة الحياة معًا.
وشدد الدكتور إبراهيم لوكنا على أن دور الكوتش يمتد ليشمل وضع حدود واضحة، وحل الخلافات بعيدًا عن الأطفال، وتعزيز الإيجابية، بل وحتى مساعدة الوالدين على التحكم في مشاعرهم عبر “تقنيات العلاج المركزة على الحلول”. واختتمت المدربة سارة العرب بأن هذه الشراكة تعزز شعور الطفل بالأمان والثقة، وتقوي العلاقة الزوجية نفسها.
في نهاية المطاف، كما لخصت المدربة قصباوي خديجة، التربية هي “مشروع عائلي” يتطلب الصبر والتواصل والتسامح. والنجاح فيه لا يقتصر على امتلاك الأدوات، بل يتوقف على وجود قلبين متفاهمين يعملان كفريق واحد. إن هذا الانسجام ليس فقط هدية للطفل، بل هو الأساس الذي يبني عائلة قوية ومستقرة.
أتقدم بجزيل الشكر لكل المشاركين الكرام على مداخلاتهم القيمة وإسهاماتهم التي أثرت هذا الحوار وجعلت منه مرجعا حقيقيا:
* هيفاء أبو حسّان
* الدكتور.رشيد مورجاني
* الدكتور.منور الصنومي
* الماستر اللايف كوتش . فاطمة القماح
* الدكتورة جواهر هبهم
* ضياء بو علي
* نجاة بنعلي
* الدكتورة الهام
* الكوتش محمد فيصل فتيتي
* الدكتور إبراهيم لوكنا
* المدربه المعتمده دوليا واللايف كوتش.سارة العرب
* الكوتش والمدربة. قصباوي خديجة
لقد كانت مشاركاتكم جميعًا مصدر إلهام وعمق، مما يؤكد أن التربية مسؤولية جماعية تتطلب تكاتف الجهود وتباين الخبرات.
نعم.لشعار.العداقي.المتميز.cc
إنهض.بذاتك.انت.لم.تولد.لتكون.لاشيء.cc
دمتم.جميعا.بخير.cc
✍بقلم/د.منورعبدالرقيب الصنومي — اليمن
حرر بتاريخ ٢ ربيع ثاني ١٤٤٧ هجرية الموافق ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٥م
لا تعليق