🚢 الخلافات الزوجية… بوصلة للنمو وليست عاصفة للهدم
مقالة خاصة لقاعة قسم DFMC بأكاديمية الدكتور عبدالقادر العداقي الدولية AIA
فن إدارة الخلافات الزوجية هو الموضوع الذي أثرى قاعتنا هذا اليوم، مثبتاً أن العلاقات الناجحة لا تقاس بغياب الخلافات، بل بـجودة آليات عبورها. لقد تحول النقاش من مجرد تبادل للآراء إلى ورشة عمل متكاملة، قدم فيها كوكبة من الخبراء رؤى عميقة حول كيفية تحويل التوتر إلى فرصة للفهم والنمو المشترك.
لقد اتفق الجميع على أن الخلاف أمر طبيعي، كما أكدت الدكتورة سكينة دبوان في مداخلتها الصوتية، حيث تناولت أهمية الحوار، النقاش، المسامحة والمغفرة، وضرورة الاقتداء بـسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كأهم أساس للقضاء على التراكمات السلبية.
🔑 القاعدة الذهبية: التحول من الهجوم إلى التعبير
ركزت مداخلات الخبراء على التقنية الأهم في إدارة الخلاف: استبدال جملة الاتهام بعبارة التعبير عن المشاعر.
* الماستر اللايف كوتش فاطمة القماح (المغرب) 🇲🇦: أكدت أن فن إدارة الخلاف يبدأ من لحظة اختيارنا كيف نعبّر عن مشاعرنا. فبدل “أنتَ دائمًا تُهملني”، نقول “أنا أشعر بأنني مهمَلة حين لا تنتبه إليّ”، مشددة على أن الحكمة هي ألا تسعى إلى الانتصار في النقاش، بل إلى انتصار العلاقة نفسها. وقدمت مثالاً حياً يوضح كيف أن التعبير بـ “أنا شعرت بالقلق حين تأخرت” يغير مسار الحديث تماماً من اتهام إلى حوار.
* الكوتش البطيمي فدوي (المغرب) 🇲🇦: أشارت إلى أن الخلافات البسيطة التي تتراكم تكون كـالنقطة التي أفاضت الكأس بسبب انعدام التواصل الفعال والحوار السليم، وشددت على ضرورة إدارة الغضب والمشاعر واستخدام جملة “أنا أشعر بالحزن لأنك فعلت معي كذا وكذا” لضمان التعامل مع الخلاف بعقلانية وحكمة وصبر وتغافل وتسامح.
* الكوتش والمدربة قصباوي خديجة: أوضحت أن جملة “أنت دائماً…” تدفع الشريك للدفاع وتحوّل الحوار إلى جدال حول “من المخطئ”، بينما جملة “أنا أشعر بـ…” تركّز على مشاعرك وتفتح الباب لـالتعاطف، ونصحت بالنظر للخلاف كـفرصة لفهم أعمق لشخصية الشريك.
🔥 شرارة الخلاف… وأساليب الاحتواء
أجاب المشاركون بوعي على سؤال النقاش الهام: “ما أكثر ما يشعل الخلافات البسيطة؟ وكيف يمكن احتواؤها؟”
* أكثر ما يشعلها:
* كما ذكرت الكوتش قصباوي خديجة، لغة الجسد والتوتر الصوتي، والاستهانة بالمشكلة، وجرّ الماضي، وافتراض النوايا السلبية.
* ووافقت الدكتورة جواهر هبهم (المغرب)، مشيرة إلى الاستجابة التلقائية للتهديد التي تفعّل “وضعية الهروب أو القتال” في الدماغ، والخزان العاطفي غير المُفرَّغ من التراكمات، والافتراض المُسبق للنية السلبية.
* وأضافت المدربة رشا فوزي المغلاوي (مصر) أن سوء الفهم وضعف التواصل، وأنماط التعلق العاطفي، ونقص الوعي بالعواطف هي من أهم الأسباب.
* كيفية احتواء الخلافات:
* اقترحت الكوتش قصباوي خديجة طلب استراحة قصيرة للتهدئة، والاستماع الفعّال، والتركيز على حل عملي واحد.
* قدمت الدكتورة جواهر هبهم “خوارزمية الاحتواء” وهي: الاعتراف بالاستجابة، استخلاص النية الجيدة، تحديد النقطة القابلة للتفاوض، وإنهاء العقد بالاتفاق على كيفية إدارة الموقف مستقبلاً.
* ركزت المدربة رشا فوزي المغلاوي على تنظيم العاطفة، وتوضيح الاحتياج بدلاً من فرض اللوم، والاستماع بنية الفهم لا الرد.
💡 الخلاف ليس مشكلة… بل بوصلة للنمو
كما أكد الاقتباس الملهم: “الخلاف ليس مشكلة بل طريقة التعامل معه هي التي تحدد النتيجة.”
* بإسهاب فلسفي عميق، رأت الدكتورة جواهر هبهم أن الخلاف يمثل نظام تشغيل غير معلن للعلاقة، وأنه تحديث إلزامي يفرض على الشريكين تطوير أدواتهما، وأن الخلاف ما هو إلا معطى محايد، أو حقيقة وجودية تفرض نفسها، لكن ماهيته ونتيجته تُحدد حصراً عبر حرية الاختيار في كيفية الاستجابة له.
* أما الأخصائية صفاء سهيل فرزان (لبنان)، فشددت على أن النضج في العلاقة يكمن في تقبّل الآخر كما هو، وأن الاختلاف هو دليل على أننا شخصان نفكر بطريقتين مختلفتين، وأكدت أن الحب لا يعني التماثل، بل تقبّل الآخر.
* وفي ختام ملهم، قدمت الاستاذه رفيقه محمد د.الصنومي حواراً واقعياً بين أنس وسهام، جسّد ببراعة كيف أن التعبير بـ “أنا أشعر بالضيق…” و “أنا كمان بشعر بالإحباط…” يحول الخلاف إلى بناء جسر تفاهم والاتفاق على تخصيص وقت للحوار بدون مشتتات. هذا النموذج العملي لخص جوهر النقاش بأنه “بناء جسر تفاهم بدل ما نترك الأمور تتراكم”.
خالص الشكر والامتنان لجميع المشاركين الكرام على هذا التفاعل الثري والهادف: د. سكينة دبوان، الماستر اللايف كوتش فاطمة القماح، الكوتش البطيمي فدوي، الكوتش والمدربة قصباوي خديجة، الدكتورة جواهر هبهم، المدربة المعتمدة دوليا الاستاذة رشا فوزي المغلاوي، الأخصائي صفاء سهيل فرزان، والاستاذه رفيقه محمد.الصنومي. لقد أثريتم الموضوع بنضج وعمق يستحق التقدير.


لا تعليق