هندسة العقل: كيف تُبرمِج عادات التفكير ثقتك بنفسك 🧠✨
شهدت قاعة أكاديمية الدكتور عبدالقادر العداقي الدولية (AIA) حوارا معمقا حول قوة الأفكار الإيجابية وتأثيرها المباشر على بناء أو هدم الثقة بالنفس تأكيدا للاقتباس الملهم لـ إيرل نايتنغيل: “أنت تصبح ما تفكر فيه أغلب الوقت.”
اتفق المشاركون على أن الأفكار ليست مجرد خواطر عابرة، بل طاقة حقيقية تُصيغ الواقع وتوجه السلوك، وهي البنية التحتية التي تقوم عليها الثقة بالنفس.
الأفكار: مفتاح بناء أو هدم الثقة
قدمت المدربة غزلان ديواني المغرب رؤية واضحة بأن الثقة بالنفس تُبنى عبر تراكم عادات التفكير اليومي. وأوضحت أن تكرار عبارات سلبية مثل “أنا لا أستطيع” يُعطي العقل الباطن أوامر بالاستسلام، بينما تحويلها إلى عبارات مثل “سأحاول حتى أنجح” يفتح الباب أمام الاحتمالات والفرص. وضربت مثالاً عمليا بتحويل فكرة: “لن أنجح في إلقاء هذا العرض أمام الجمهور” إلى: “سأقدم أفضل ما لدي، وكل تجربة تزيد من خبرتي وشجاعتي”.
كما أكدت المدربة نجاة بنعلي المغرب أن الأفكار التي تتكرر يوميا تعمل كـ خريطة توجه تصرفاتنا وقراراتنا. وبينت أن الأفكار الإيجابية تمنح شعوراً بـالقوة والقدرة على التحكم، بينما الأفكار السلبية تحدّ من الطاقة وتخلق خوفاً من الفشل، مشددة على أن المداومة على التفكير الإيجابي تبني مرونة نفسية وقدرة أكبر على مواجهة الضغوط.
المنظور العلمي والمنطقي لتأثير الأفكار
تطرقت الدكتورة جواهر هبهم .. المغرب إلى الأبعاد العصبية والمعرفية لقوة الأفكار، موضحة أن الأفكار الإيجابية تعمل من منظور:
* علم الأعصاب (Neuroscience): على تحفيز إفراز ناقلات عصبية حيوية مثل السيروتونين والدوبامين، مما يحسن المزاج ويقلل من مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر)، والنتيجة هي زيادة المرونة النفسية وتعزيز الشعور بالقدرة الذاتية.
* علم النفس المعرفي: كأداة فعالة لـإعادة هيكلة التشوهات المعرفية (مثل التعميم المفرط)، وهي أساس العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، حيث يتم استبدال المعتقدات السلبية الأساسية بأخرى داعمة ومحفزة.
* المنطق والسببية: التفكير الإيجابي يوجه الطاقة العقلية نحو التركيز على الحلول بدلاً من المشكلات، مما يزيد من فعالية الذات، وهو أساس الثقة الحقيقية المبنية على الإنجاز.
وأوضحت الدكتورة جواهر أن التفكير السلبي المستمر يهدم الثقة بخلق حلقة تغذية مرتدة سلبية تؤدي إلى التجنب السلوكي، مما يمنع فرصة جمع الأدلة الإيجابية التي تفند الفكرة السلبية.
الأطر التطبيقية والعملية لتغيير التفكير
لتقديم أدوات عملية
طرحت دكتورة الهام.. من المغرب مدرب معتمد دوليا نموذج A-E من العلاج المعرفي السلوكي (CBT) لتصحيح الأفكار السلبية:
* التقبل (Accept): تقبل الفكرة أو المشاعر السلبية بدون حكم.
* المعتقدات (Belief): تحديد المعتقدات الأساسية للفكرة السلبية.
* العواقب (Consequences): استكشاف العواقب النفسية والسلوكية.
* التحدي (Dispute): تحدي المعتقدات وفحصها بالأدلة.
* الفعالية (Effective): استبدال المعتقدات القديمة بأفكار أكثر منطقية وواقعية.
من منظور اللايف كوتشينغ
أوضحت الماستر اللايف كوتش حنان الموسوي.. لبنان أن التفكير اليومي يخلق حالة شعورية معينة، وكل فكرة مكررة تُبرمج العقل اللاواعي. واقترحت تمرينا عمليا لتتبع دورة: “الفكر يولّد شعوراً، الشعور يولّد سلوك، السلوك يكوّن النتيجة”، مع تشجيع على تغذية العقل بـ**”أفكار مُلهمة”** كالقراءة الإيجابية والصحبة المشجعة.
بينما أكدت اللايف كوتش ا/ ماريا تيجه مبارك المرابطي أن الثقة ليست موهبة نولد بها، بل هي نتيجة تراكم عادات التفكير التي نختارها كل يوم، وأن “كل متوقع آت” كما قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، مشددة على أن ما نزرعه في أذهاننا اليوم سنعيشه غدا.
وخلصت المدربه المعتمده دوليا واللايف كوتش.سارة العرب.. لبنان إلى تلخيص العلاقة بكونها ثلاثية: “الفكرة تولد شعورا، والشعور يحرّك سلوكا”، وأن تغيير طريقة التفكير هو المفتاح لإعادة تشكيل الشعور وبناء تصرفات واثقة.
كما قدمت د. إبتسام بويا كوتش ومعالجة شمولية ومدربة. المغرب أدوات عملية إضافية لتعزيز التفكير الإيجابي والثقة، منها: التأكيدات اليومية، كتابة الامتنان، الإحاطة بأشخاص إيجابيين، والإنصات الداخلي الواعي، مؤكدة أن قوة الأفكار الإيجابية تكمن في قدرتها على خلق واقع نفسي جديد عبر برمجة العقل الباطن.
إن خلاصة الحوار هي أن عادات التفكير اليومي هي في الأساس برنامج تشغيل الثقة بالنفس. فالتكرار اليومي للأفكار الإيجابية يقوي المسارات العصبية المرتبطة بالتفاؤل، في حين أن النقد المستمر للذات يضعف الوظائف التنفيذية في الدماغ ويُرسخ الشك. لذا، فإن هندسة العقل تتطلب توجيها واعيا للإدراك لبرمجة مسارات عصبية جديدة تنتج سلوكيات واثقة وموجهة نحو الهدف.
لا تعليق